مفهوم الشغل -ابداعات التلاميذ- ف ز اعجينة

مستوى الفهم

يضعنا  مضمون هذين  المفهومين " تقسيم  الشغل " أمام موضوع  الشغل وقبل أن نبين طبيعة التصور المفترض لهذا الموضوع  لابد من تحديد دلالة المفهوم المركزي الشغل : وهو فعل إنساني أساسي  يخلق آثارا هي عبارة عن منتوجات وإبداعات ,  ويعتبر ضروري لتحقيق حاجيات  الإنسان ومتطلباته في استمرار حياته وتطو ير   شروط عيشه . أما تقسيم الشغل  وهو توزيع  المهام  بين أفراد  مجتمع معين  ، بعد تحديدنا  لدلالة هذين  المفهومين  نطرح  الإشكال المؤطر لهما : ما الغاية من هذا التقسيم ؟ وكيف  يعمل هذا  التقسيم على تحديد صورة الفرد  داخل المجتمع ؟  وما علاقة تقسيم الشغل  بتنظيم المجتمع؟  وماهي الآثار  الايجابية والسلبية على العامل في تقسيم الشغل ؟

مستوى التحليل

كجواب على هذا  الإشكال يؤكد الفيلسوف اليوناني  أفلاطون   على أن  الشغل لا يوفر  حاجات الإنسان الأساسية والفردية فقط ، بل يعمل بالتقسيم  وتخصص مجالاته على إرساء المجتمع  والدولة  التي هي هدف هذا التقسيم ، ولتوضيح  هذه   الفكرة  صرح بقوله  في البداية:    بان  الأساس  الحقيقي  هو الحاجة  وأولهما المأكل الذي  هو  شرط الحياة والوجود ، ويليه  المسكن والملبس وهنا  يوضح أهمية تقسيم الشغل  من خلال قوله " فلنر كيف تفي مدينتنا بتلك الحاجات  المتعددة  " بحيث  انه يجب أن يكون أحد الناس  زارعا ، وللآخر نساجا والأخر  حذاءا  وصانعا  آخر للوفاء   بحاجات مادية ، ومن هنا  يتبين على انه يمكن للمرء أن يؤدي  عملا إذا تفرغ لعمل  واحد  وانه  يجب أن يؤد في الوقت المناسب  ، ويستدل في الأخير  على  أن  إنتاج  كل  شيء  يكون  أوفر  وأسهل إذا ما أدى كل فرد شيئا واحدا  يكون صالحا له بيولوجيا ، نخلص إذا   من خلال  تحليل  مضمون  النص  على أن  تقسيم الشغل يعتبر  مهما  إذ أن هذا الأخير يعمل بالتقسيم وتخصص مجالاته على تماسك المجتمع 

مستوى المناقشة

إن التصور الذي قدمه موقف النص من تقسيم الشغل له قيمته الفكرية و الاجتماعية ، ويجد هذا الأخير سندا له في موقف الفيلسوف  إميل دوركايم  الذي يؤكد على أهمية تقسيم الشغل الذي بواسطته تحقق        الحاجات الأساسية   للإفراد و يتحقق معه التماسك  الاجتماعي بحيث "يولد تقسيم الشغل في المجتمعات المنظمة تماسك  المجتمع  واستمرار يته الحيوية " واعتبر أن المجتمع الإنساني لا يخلو من قواعد وضوابط أو ما سماه " الضمير الجمعي " الذي يوجد في استقلال عن إرادة الأفراد فعندما يقوم شخص بواجباته وينفد التعهدات التي قطعها على نفسه ، فانه يقوم بواجبات حددتها القوانين و العادات بصورة مستقلة عنه ، ويعتبران هذه الخاصية واضحة في المجتمعات  المعاصرة  بحيث يؤكد أن شغل الفرد ليس  شغلا خاصا به بل هو شغل  من أجل المجتمع . غير أن هذا التصور لم يلقى القبول من طرف بعض الفلاسفة  كالسوسيولوجي الفرنسي  جورج فريدمان  الذي يؤكد على أهمية تقسيم الشغل وخاصة في ظل نظام الآلية ، لآن  تقسيم الشغل حقق الوفرة في الإنتاج و الرفاهية  للفرد كمستهلك ولكن أصبح عمله روتينيا ومملا مما أدى  إلى استعباد جديد ، بحيث أصبح الشغل اكثر تجزيئا . وأضحت كل عملية محدودة من اختصاص الآلة التي عوضت بدورها الأداة التي كانت تستخدمها يد العامل ومن تم أصبحت مساهمة الإنسان في عملية الإنتاج قليلة. ويقول في هذا الصدد " والآن فهو مخترع التقنيات ومراقب لعمل الآلات ، وهو مكره على المشاركة في عمليات فارغة من كل قيمة فكرية والتي تفرض عليه بالمقابل ضبطا  عصبيا في كل لحظة ،وتجعله في كثير من الأحيان منشطرا بين العمل و التفكير . ففي الوقت الذي تكون فيه آخر حركات العامل الإنتاجية مسندة للقطع المتحركة والى شبكات معدنية ببدء نظام الآلية الشامل في الاشتغال ، وفي اتجاه هذا الهدف تبرز لنا قساوة تقسيم الشغل

مستوى الاستنتاج

نستنتج من خلال تحليل و مناقشة الجواب المفترض عن السؤال أن تقسيم الشغل يعتبر مهما وله جوانب ايجابية بحيث يعمل على تقوية الروابط و الرفع  من الإنتاجية و جودة الإنتاج غير أن هناك تصورات لها جوانب  سلبية خاصة في ظل نظام الآلية  بحيث يعمل هذا الأخير على الفصل بين العمل و التفكير و يجعله عبدا لحركات جسدية مملة ، لكن  بالرغم من السلبيات لتقسيم الشغل فيعتبر ذات أهمية كبرى في تنظيم المجتمع الإنساني ،وحصول كل فرد على ما يعجز على تحقيقه بمفرده .